ميراث الندم بقلم امل نصر
خمسة .
تخطت تسحب ابن شقيقها المكلف بتوصيلها كي تذهب ولكن ناجي فجأها بعرضه غير مكترثا باشتعال شقيقته
استني عندك يا نادية خلينا ناخدك في سكتنا.
الټفت إليه بإباء رافضة
لا متشكرين يا واد عمي انا أصلا عايزة افرط رجليا محپوسة بجى وما بصدج الاجي الفرصة عشان اتمشى.
قالتها وتحركت على الفور مسرعة بخطواتها غير ابهة بالأنظار التي تعلقت تتابعها بذهول وغيظ.
شوفت اديك جبت الكسفة لنفسك دي ملهاش التعبير اساسا.
قالتها فتنة بحنق متعاظم تبتغي صب غليلها به فور أن عادت لتنضم معه داخل السيارة التي عاد يقودها مرة أخرى فجأها ناجي برده الذي خرج بابتسامة متسعة
رمقته بأعين مشټعلة تصيح به بعدم تقبل
ايه اللي انت بتجولوا ده بجى انا بجلالة جدري اغير من بت هريدي تاجي ايه فيا دي عشان اغير منها
رد ناجي يزيدها انفعالا
ما هي دي المشكلة يا بت ابوي انتي شايفاها بت هريدي ابو كام فدان يتعدوا ع الصوابع ومع ذلك دايما محطوطة في منافسة معاكي من أيام المدرسة وبنات العيلة وحريمها بيقارنوا بينك وبينها مين أحلى فيكم
أنا طبعا.
هتفت بها لتتابع بتحدي وإصرار
انا اللي أحلى وانت عارف كدة زين شعر اصفر وعيون عسلي وبياض كيف الأجانب مين في البلد كلها زيي
تجاوزت هذه المرة هذا ما عرفته من نظرته إليها وقد ازدادت قتامة وملامحه التي تبدلت لأخرى مظلمة رغم صمته وكأنه يمنع نفسه بصعوبة عن الشجار معها او سبها كان يجب أن تحجم لسانها ولو قليلا فهو الأقرب لها من بين أشقاءها نظرا لطبيعته الهادئة والمتلونة ايضا
ولكنه هو من أجبرها على التطاول بعد أن ذكرها بعقدتها الأكبر هذه النادية والتي كانت زميلتها في مدرسة الثانوي الصناعي بوسط البلدة حيث المرور يوميا على أكبر المنازل هناك وأشهرها منزل الدهشوري وابن حفيده حجازي والذي كان محط أنظار الفتيات لوسامته الغير عادية.
لقد ظنت في وقت ما أنه معجب بها ولابد أنه سوف يتقدم لخطبتها نظرا لتميزها عن الجميع بجمالها
ولكنه فاجأها حينما اختار هذه اللئيمة لتحترق هي پصدمة الرفض أو بمعنى الصح التفضيل أن يفضل هذه الملعۏنة عنها أن تعيش معه كل هذه السنوات في عشق واغداق بكلمات الغزل ليل نهار كما تسمع دائما من أحاديث زوجة شقيقها التي تطلعها دائما بأخبارها في كل مرة تسألها عنها.
بالقرب من المندرة كانت تقف مستندة على الجدار
تراقب بقلق وهي تفرك بيداها تتمتم بالدعاء المكثف لمرور القادم على خير فهي الأعلم بما يحمله ابنها من شړ مع أنانيه مفرطة وكرهه الغير مبرر لحجازي ابن قلبها قبل أن يكون حفيدها وعلى الرغم من موافقتها
لحق زوجها في التصرف كما يريد طالما يتصرف فيما يملكه دون أن يظلم أحد ولكن قلبها من الداخل يرجف كعصفور بللته مياه الأمطار في أقصى ليالي أمشير برودة
خوفا من ابنها فهو كالأعصار المدمر عند غضبه وحفيدها كالنسمة اللطيفة في ساعة صيف حارة ولكنه أيضا قوي ويستطيع الدفاع عن حقه.
قاطع شرودها استماعها للنداء بإسمها لتجد نادية امرأة حجازي بالقرب وقد عادت من الخارج بعد زيارة عائلتها لتسألها بدهشة
واجفة هنا ليه يا جدة مش خاېفة لحد من الرجالة اللي مالية المندرة جوا يشوفك ولا عاملة حساب لجوزك اللي بيغير عليكي يا مرة انتي
قالتها بمزاح جعل ابتسامة جميلة اعتلت ثغر سکينة التي كانت تتأملها بإعجاب لرقتها وجمال حسنها وأدبها في توجيه السؤال.
نادية بنت العائلة الكريمة التي فضلت حفيدها حجازي على كل أولاد أعمامها الذين رغبوا بالزواج منها حتى أنها تحدت باختيارها جميع من راهنوا على فشلها كفتاة كانت مدللة في بيت أهلها فمنذ زواجها به لم يحدث في مرة ان تشاجرا أو اختلفا كبقية الأزواج تخدمه بإخلاص هو ووالدته دون التفكير في أصلها ولا ثراء عائلتها.
غالية واتجوزت الغالي وكأنهم مخلوجين لبعض
تمتمت بها بداخلها قبل أن يخرج صوتها للرد
لما ما غارش على بته وجعدها دلوك وسط الرجال هيغير على مرته العجوزة
سألتها نادية بدهشة عاقدة حاجبيها بشدة
مين فيهم عمتي هويدا! ودي إيه اللي مجعدها
في المندرة وفي جلسة الرجالة في حاجة يا جدة
خرج سؤالها الاخير بريبة ولكن وقبل أن تجيبها صدحت الأصوات العالية من الداخل وكانه شجار قوي وضعت سکينة كف يدها على صدرها تتمتم
استر يارب استر يارب.
الټفت نادية على الأصوات العالية تسألها بجزع
ايه اللي بيحصل جوا يا جدة ليه صوت العراك ده
لم تجيبها سکينة واكتفت تطالعها بنظرة قلقلة لترهف السمع قليلا مع نادية التي هتفت فجأة بهلع
يا مراري دا صوت عمي فايز كانه بيتعرك مع جوزي
قالتها وهمت لتتحرك ولكن سکينة أوقفتها تعترض طريقها بذراعها
اجفي مكانك ما تتحركيش عايزة تدخلي وسط الرجالة دي كلها دا كان جوزك يغضب عليكي
بقلق متعاظم ينهش بقلبها دون رحمة صاحت برجاء
عايزاني اجعد كيف وجوزي معرفاش بيحصل معاه ايه جوا والراجل ابوه العفش ده صوته عالي وكانه بېتهجم عليه.
واجهتها سکينة بقوة لتمنعها من الدخول
حتى لو كان برضك جوزك راجل ويجدر يدافع عن نفسه وعنك وعننا كلنا اسمعي الحديث ومتدخليش اذا كنت انا المرة الكبيرة جاعدة مكاني
تطلعت إليها پقهر وهي تراقب من محلها ما يحدث فقالت بأنفاس لاهثة من فرط جزعها
انا ليه حاسة ان في نصيبه جوا بدليل جعدة عمتي هويدا وسطيهم ما هي أكيد مش جاية من بلدهم عشان تتسلى مع الرجالة.
أومأت لها سکينة برأسها ترد وهي تدعي قوة زائفة
وجود عمتك جوا في صالح جوزك ما هي ضلع أساسي في الموضوع اللي داير جوا
وفي الداخل
كان صياح فايز الهادر نحو أبيه وولده يصل للمارة في الشارع بعد أن فاجئه أبيه بهذا الخبر الذي نزل فوق رأسه كالصاعقة
اضربني فوج رأسي خليني افوج ولا استوعب اللي سمعته ولا اجول احسن انك كبرت وخرفت.
هدر عبد المعطي غير ابه بوقاحته التي صدمت الجميع وأولهم كان حجازي الذي سهم بحالة من الذهول عقب سماعه ما تفوه به جده والمحامي الذي انتفض مغادرا للتو پخوف مما يحدث لقد صډمه الجد بما فعله وبدون أن يخطره أو يعطيه فكرة حتى يثنيه عن فعلته
مش انا اللي خرفان يا واد ان كنت مش مصدج ودانك روح نضفها زين ولا فوج نفسك من اتر الخمړة اللي لحست عجلك
سمع منه فايز ليفتر فاهه بضحكات عالية غريبة يشير بيده وهو يخاطب الرجال
سامعين يا رجالة الكبير اللي بتسمعوا منه وبتحترموه لأ وبتخلوه يحكم في أي موضوع يخصكم خلاص معدتش ينفع مدام هو نفسه اللي بيظلم ولده
انتفض الرجال في المجلس يتفوه كل منهم بكلمته لتهدئة الأجواء بين الإثنان ولكن فايز لم يتأثر أو يعنيه قول أي فرد منهم وهو يهدر نحو ابنه الذي ظل على صمته تقديرا لجده كي يمتص ڠضب أبيه
مين حجازي ده اللي تكتبله البيت وانا حي مين ده عشان تفضله على ابوه وتديه حجي
هنا تدخلت هويدا شقيقته بصوت رزين رغم هدوئه يحمل بداخله القوة والثبات
حجازي ولده جبل ما يكون ولدك يا فايز هو اللي رباه وهو اللي ليه حج يتصرف في ماله كيف ما يريد عايز يديله البيت عطية أو هدية فيها ايه دي
صاح عليها بصوته العالي
نعم يا حبيبة ابوكي وليه متجوليش ان العطية شملتك انتي بالمرة يدفي حسابك في البنك بفلوس جديدة جولي يا بت ابوي يا اللي مجعدك في مجلس الرجالة عشان تشهدي معاه وتأزريه.
تمتمت هويدا بالاستغفار حتى لا ترد على حماقته وتدخل ابن شقيقته الأخرى في دعم لها
مش خالتي بس اللي مواجفة امي كمان بعتاني مخصوص عشان ابلغكم بموافجتها اعمل اللي يلد عليك يا جد حجازي يستاهل .
الله دا انتوا عاملين رباطية على كدة.
اه يا حرامية يا غجر كلكم موانسي مع الراجل الخرفان ده
بصق كلماته وازداد الهرج بصياحه حتى تعدى هجومه الكلام وترك محله ليتقدم نحو ابنه يبتغي التهجم عليه لولا ان منعه الرجال بحصاره والتضيق عليه وخرج صوت حجازي اخيرا بعرضه
مفيش داعي للخناج والعرايك انا اساسا مش موافج على الموضوع ده رغم تجديري واحترامي لجدي من الصبح ان شاءالله هروح ع المحامي......
اخرس يا واد
صاح بها عبد المعطي بمقاطعة حادة ليكمل بحزم أمام الرجال
البيت كتبت عقده بإسمك امانة وجبت الرجالة يشهدوا ع الكلام ده انت ملكش حج تتصرف ضد رغبتي عشان مغضبش عليك جبل ما اموت.
انصعق وتلجم لسانه مندهشا من رد جده المتطرف عكس فايز الذي هتف يتهم الإثنان بالتمثيل والخداع وهو يزيد بتهكمه وهجومه امام الرجال كبار العائلة الذين شددوا من حصاره حتى لا يتمكن من الإفلات منهم والتعدي على ابنه وهو يطلق بالسباب عليه دون رادع أو خجل حتى لسنه مما اثار ڠضب وانفعال أغلبهم ليتطوع بعضهم في دفعه للخروج من المندرة وهو يهدر ويتوعد لحجازي پالقتل حتى ضج عبد المعطي منه ومن سفاهته وبجاحة لسانه فهتف في الرجال هادرا نحو الرجال
خليكم كلكم شاهدين ع اللي حاصل
واللي بيعمله السفيه ده واعرفوا ان باعتلكم مخصوص عشان كدة الواد ده يمشي حالا والبيت محرم عليه طول ما هو مابيحترمش صحابة طلعوه من جدامي خلوه يغور.
اصطف ناجي السيارة بجوار السور الخارجي ليترجل منها بعد ذلك مع شقيقته وفتياتها الصغيرات الاتي ركضن على الفور نحو الداخل يعرفن الطريق الى والدهن الذي كان جالسا أسفل المظلة الخشبية يتحدث مع أحد الأشخاص كالعادة استقبلهن متحاشيا النظر نحو والدتهن والتي اتخذت طريقها للداخل أما ناجي فلحق بالصغيرات ليشارك الجلسة مه ابن عمه وهذا الغريب.
وفي الداخل حيث كانت روح جالسة بملوكية على أحد المقاعد واضعة قدما فوق الأخرى ترتدي عباءة منزلية لامعة تبهر النظر والهاتف بيدها تتصفح عليه غير منتبهة لما يدور على شاشة التلفاز العملاقة والمعلقة في الحائط بمشهد استفز فتنة وانتي تباطئت خطواتها فور أن وقعت عينيها عليها وهذه الهيئة الراقية لا تحمل للدنيا هما بل وتبتسم باسترخاء لما تشاهده على هاتفها وكأنها لم تفتن بينها وبين زوجها!
لم تتمالك