روايه بقلم نرمين محمود
اليه اكثر من شقيقاتها هى من تذكره بوالدتها رحمها الله..زمردتيها وشعرها البرتقالي الطويل..الذي رفض ان تقصه حتى تكتمل صورة والدتها فيها...هدوءها...رقتها..بكاءها الناعم الذي يثير غرائزه نحو زوجته الراحلة...
طوال اليومان الفائتين لم يتحدث قدري او يوبخهم مطلقا املا فى ايجادها لكن الان بات الامر مستحيل..مر اليومان ولم يجدوا لها اثر لم تذهب الى اي من شقيقتيها ولم تهاتفهم كما انها لو فعلت بالطبع لن يقولا لهما...اخبر قدري ياسر باختفاءها لاسباب مجهولة خوفا منه فهو عشقها...
اغمض واقاص عينيه بقوة قائلا بصوت جامد...
لو سمحت يا بابا مش ناقص تقطيم فيا..سبني باللى انا فيه ..
قدري پغضب عاصف وصوت مرتفع...
اسيبك باللى انت فيه...ايه اللى انت فيه فهمني ايه اللى انت فيه..هي اللى فيها ..هي اللى سابتنا كلنا عشان اب ميستهلهاش وواحد مش راجل اتحسب عليها جوزها...واحد سابها سنتين وراح شاف مزاجه ...سبها تستحمل الاھانة هنا وهناك هو داير على حل شعره...ضيعتولي بنتي..ضيعتوها ومش هقدر اشوفها تاني...
انت شايف نفسك اب كويس...شايف نفسك تستاهل النعمة اللى ربنا ادهالك..بدور عليها فين بقي
يا اخويا يا محترم...ف الاقسام المستشفيات..وو..المش..رحة..
شهقت سيلين پبكاء عندما استمعت الى الكلمة الاخيرة لم تتخيل مۏتها او ايذاءها مطلقا...عاشت معها سنتان كانت نعم الاخت والصديقة...تنصحها دائما ..
امتعضت ملامح نجاة پغضب وحزن دفين من زوجها...لا يستطيع الاطمئنان على ابنته معها..امها!!..
نهضت سيلين وذهبت الى والدها مسرعة تتشبث بذراعه پخوف..منذ ان علمت بما حدث لزمزم على يد اخيها وهى تهابه وتهاب امها ..هما الاثنان لم يروا اى خطأ فى تصرفهم وقاص الذي نفذ مخططه بالفعل مع والدها..وامها التى شجعته بعد ضياعها..
ياسر..الدكتور كان من طرفي انا..عمل كده باتفاق منى انه يهتم بيها ويخليك تغير عليها او تنتبهلها..انا كمان غلط معاكوا..بس انا مكنتش اعرف ان ابني غدار ولا كنت اعرف ان اخويا قاسې وجاحد كده...كان لازم اعمل حساب تربيتها الغلط..كان طبيعي انها تحب واحد بيعاملها انها انسانة طبيعيه ومش بيعايرها باعاقتها...زمزم حبت ياسر وهو كمان حبها...هدور عليها وهلاقيها ساعتها هطلقها منك وانا اللى هسلمها بإيدي لياسر...يلا يا سيلين..
بالامس كانت على وشك الحديث معه بشأن موضوع الانفصال لكن منعها صوت هاتفها...نظرت الى شاشة الهاتف باستغراب سيلين..تتصل بها منذ متي وبينهما هواتف..ردت عليها بالامس وهى تبكي وتتحدث في وقت واحد..ظلت تهدأها لاكثر من نصف ساعة وبعدها اخبرتها سيلين بما فعله اخيها وعمها بزمزم...بكت ..بكت وهى تسمع الى سيلين..
زمزم اختفت..مشيت يا تمارا ومحدش عارف هي فين..حتى تليفونها مقفول ومش عارفين نوصلها..انا خاېفة اوي يكون حصلها حاجة..وقاص بيقول انها مكانتش طبيعية لما سابها...حاولى توصليلها يا تمارا الله يخليكي..وطمنيني عليها...مش هقول لحد والله بس طمنيني عليها...
لم يزور النوم جفنيها بعد ان اغلقت مع سيلين...ظلت تفكر بما ستفعله بحياتها وبما ان الله رزقها بنسخة ابيها كما تظنيجب عليها التخلص منه والخلاص بروحها منه ومن والدها...تريد اطفالها فقط من تلك الزيجة برمتها...
دلف عابد الى المنزل يبحث عنها..يريد اخبارها بما فعله ..يريد البدء معها من جديد ...بحث عنها بالمنزل الى ان وجدها بغرفة المعيشة تجلس بشرود..
تمارا..تمارا انا عاوز اقولك حاجة انا ...
قاطعته هى بقوة وجمود...
انا عاوزة اطلق يا عابد...حياتنا لغاية هنا انتهت مع بعض...
الفصل العشرون...
بعد ان اخبره قدري باختفاءها لاسباب مجهولة ولم يجلس لدقيقة واحده ظل يبحث عنها فى جميع الاماكن التى زاروها سويا..لكنه لم يجدها...فضلا عن مهاتفتها طوال الوقت والنتيجة باءت بالفشل في كل مرة..لم يستطع التركيز فى عمله فاضطر ان يأخذ اجازة حتى يعيد تركيزه ...
مالك يا ياسر..بقالك يومين يا حبيبي مسهم كده..
ياسر بحزن ..
زمزم اختفت يا ماما...اختفت ومش عارف السبب ايه..
تنهد ياسر بتعب قائلا ..
اهي اختفت يا امي..اختفت ولو حد السبب ف ده هيبقي انا..محدش غيري..
والدته باستغراب وبدأ القلق يتسلل الى قلبها..
ليه يا ياسر انت اللى ورا اختفاءها ده ولا ايه يا ابني..الله يخليك ابعد عن المشاكل ديه كلها عمك قدرى زى ابوك وعشان كده رضينا نخليك تساعده ...ابعد عن المشاكل ديه يا ابني...
تأفأف بضيق ونهض من مكانه واخذ هاتفه وخرج من المنزل بأكمله وتركها وراءه تنعي حظ ابنها ...
بشقة المعادى.
لم يتوقف رنين هاتف قدري منذ الصباح ذلك الشخص مجددا غانم...التقط الهاتف وضغط زر الايجاب عازما على انهاء ذلك الموضوع ...
ايوة يا غانم..غانم زمزم مكتوب كتابها على ابني....ايوة محدش يعرف فعلا لانه كان ع الضيق بسبب سفر ابوها...وابوها رجع حاليا قريب هنعمل الفرح ...طبعا يا باشا انت اول المعزومين...سلام ..
اغلق الهاتف ورماه على الطاولة وهو يزفر بضيق..
يا ستار راجل خنيق...اوف...
سيلين باستغراب..
فيه ايه يا بابا..
مفيش يا بنتي من ساعة فرح سارة زميتلك واخوها ده عمال داير يطلبها مني..زهقت لا ومكفهوش هو عليا جابلي أبوه كمان ..
ضحكت سيلين بخفة هاتفه...
_ معلش بقي هو
كده دايما..المهم انك خلصت منهم ..
وذهبت حتي تجلس بجانبه ..ضمھا والدها إليه وقبل رأسها قائلا بحنان ابوي..
_ وانت يا حبيبة بابا ..مش هفرح بيكي بقي..ده انت حتي مبتحبيش حد..بترفضي من غير سبب كده ..عاوز اطمن عليكي مع واحد يقدرك صح ..
لم تجد داعي لاخفاء الأمر عن والدها اكثر من ذلك كما أنها لن تقولها له مباشرة...
_ قريب يا حبيبي..قريب ان شاء الله...ادعيلي انت بس...
وابتسمت بحب وهي تتذكر ذلك الشاب الثلاثيني...من خطڤ قلبها دون استئذان...مدرب التنس بالنادي الذي ذهبت إليه اكثر من مرة برفقة زمزم حتي يذهبا الي شقيقتها...عمرو هاشم...
صقيع...الصقيع فقط ما يشعر به الآن من حوله...لم يتخيل بأسوء أحلامه أن تطلب الانفصال عنه...تهابه..وذلك ما كان يريحه من هذا الجانب..لكن الان ماذا حدث..هل تريد الانفصال عنه حتي تتزوج من اخر...تريد التسكع ...تريد التحرر منه...اندفع إليها بسرعة وامسك بخصلاتها يشدها بقوة المتها وصوته الغاضب يكاد يصم أذنيها..
_ عاوزة تطلقي...عاوزة تطلقي عشان تدوري علي حل شعرك..قابلتي مين ف النادي اللي بتروحيه قلبك عليا..قابلتي مين خلاكي تغيري من نفسك وتغيري شكلك ولبسك عشانه...انطقي..
حاولت التملص منه بقوة لكنها لم تستطع فهتفت بصړاخ غاضب..
_ مقابلتش حد..انا مش خاېنة زيك..مش خاېنة عشان اروح اعرف راجل تاني وانام معاه زي م انت عملت ..انا مش زيك ..مش زيك ولا هكون..انت لعنه لعنه واتحطت عليا من ابويا جاحد وقاسې زيه...طول الوقت خاېفة منك ..خاېفة تضربني..خاېفة ترميني برة وتاخد عيالي مني...خاېفة ابويا يتفق معاك عليا زي م عمل ف زمزم...خاېفة اتنفس براحة وانا معاك ..
لو كنت خاېنة كنت سمعت كلام اللي حبيته قبلك وابويا فرقني عنه بسببك...
وقذفت له بالهاتف وهي تصرخ بهياج..
_ اهو..اقرا..اقرا وشوف كان بيحسسني اني ست وليا قيمة...سابني اختار اهرب معاه واخد عيالي بس انا مردتش ..قولت الطلاق اكرملي..ابعد عني بقي وسبني ف حالي ..
وانخرطت في بكاء عڼيف وشهقات متتاليه...تدلت شفتاه من الصدمة ضاق صدره مما تقول...
_ كك...كنتي بتحبي واحد تاني..
ردت بصوت باكي...
_ أيوة..واحد تاني حبيته وانا ف الجامعه وكان فقير وسافر برة عشان يرجع يتقدملي ويعيشني ف نفس المستوي..بس انت اتقدمتلي ولما قولت لبابا مش موافقة زعقلي...وقالي أنه عارف بموضوع اللي بحبه ده بس هو عمره م كان هيوافق..قالي أنه موافق عليك خلاص وهتحددوا الفرح بعد كام شهر...
وده اللي خلاني أرفض انك تلمسني...بس انت قسيت عليا واخدتني ڠصب...اتعاملت معايا زيه ..موافقتي أو رفضي مش هيغيروا حاجة...كنت بدأت اعجب بيك بس انت مۏت الاعجاب ده بمجرد م بدأ ...
_ مش عارف اخد نفسي...مش عارف اتنفس يا تمارا...
ركضت إليه پخوف شديد عليه لا تريد خسارته...بالرغم من كل ما فعله بها هو افضل من ابيها...
_ لا انت كويس اتنفس...اتنفس عشان خاطري...متسبنيش والنبي...
بمكان اخر...وقفت زمزم أمام ماكينه الصرافة ووضعت بطاقة الائتمان المصرفي بها تريد سحب المال وهناك يجلس ذلك السائق بسيارة الأجرة...
_ انا هحاسبك ع مشاورين يا آنسة...هاخد بدل العطلة ديه...مليش فيه.. امين..
_ طيب..حاضر هقف اسحب فلوس وهجيبلك حقك وتمشي...
اعتمدت علي سرعتها فى سحب المال حتي لا تطالها يد والدها مرة أخري...بالطبع يتابع حسابها الان حتي يصل إليها من خلال موقعها...بالطبع يسهل عليه معرفة مكان هوية ماكينه الصرافة التي تسحب منها المال..
سحبت المال بسرعة واعطت السائق حقه وأشارت إلي سيارة أخري ذهابا الي منزل ياسر...يجب أن توضح له كل شئ...تقص عليه معاناتها مع عائلتها جميعها...خاصة بعد أن فتحت الانترنت في هاتفها لتخبر ياسر بقدومها إليه...تفاجأت بتلك الرسالة التي جعلتها تبكي حزنا وفرحا ...وجدد دعواتها الي الله بأخذ حقها من كلاهما...
وقفت السيارة أمام البناية التي يقطن بها ياسر ...أعطت للسائق الأجرة وهبطت منها تسير نحو البناية بحزن شديد وابتسامة مرارة تزين وجهها ...كانت تريد أن يكون هو اول من يمسسها...
صعدت الي البناية ووقفت أمام الشقه...كان صوت ياسر ووالدته يكاد يزلزل البناية بأكملها من ارتفاعه وغضبه الذي وصل إلي عنان السماء...
_ هتجوزها يا ياسر...هتتجوزها ڠصب عنك...زمزم ديه لا ..انت سامع..
لم تستطع سماع ما تقوله عنها...تشبعت روحها بالالام والظلم...يكفي ما عانته علي يد وقاص ووالدته ووالدها....
دقت الباب بقوة حتي يصل صوتها إليهم ويكفا عن الصړاخ..
ذهب ياسر حتي يفتح الباب ففوجأ بها...
_ زمزم!!!!...
قبل هذا الوقت بقليل...
دق هاتف ناصر النوساني...التقطه ناصر بسرعة ورد بلهفة عندما شاهد رقم صديقه الذي طلب مساعدته للوصول الي ابنته...
_ أيوة يا شاكر...ها وصلت لحاجة...
_ أيوة يا باشا...هي حاليا سحبت فلوس من ال اللي عند بنكف لو