عينيكي وطني وعنواني بقلم امل نصر
لم تذق طعم النوم منذ عدة ليال ..تعجبت لحال هذا الرجل الغريب وتصرفاته الأغرب معها.. فوجدت نفسها تخبره ببعض الطف
انا أساسا متأخرة على خطوبة أختي ..يعني مش فاضية للخروج ولا الكلام أصلا.
طرق بعيناه أرضا بخيبة أمل قبل ان يرفعها ثانية اليها فقال
طب ممكن نخلي القاء يبقى في يوم تاني !
خرج ردها بسؤال
طيب ممكن انت بالظبط تفهمني ..عرفت توصلي ازايولا عرفت تجيب عنوان مدرستي اللى بشتغل فيها منين
هز اكتفاه يجيبها بسهولة
عادي ..سألت عنك وعرفت !
..................................
حينما عادت الى منزلها ..كما توقعت تماما وجدته ممتلئ على اخره بالأقارب والجيران من سيدات اتت لتساعد والدتها في تحضيرات الحفل كإعداد بعض الأطعمة وبعض أصناف الحلويات بالإضافة لتحضير المشروبات الباردة ومعهم أطفالهم الذين كانوا يركضون ويلعبون بداخل البيت وكأنه ساحة للعب.. وفتايات يبدوا من اعمارهن أنهن اتين من أجل العروس التى كانت بغرفتها وأصوات ضحكاتها العالية مع الفتيات صادرة خارج الغرفة وبقوة.. سمعت صوت والدتها من المطبخ ولكنها لم تجرؤ للدخول إليها فقد كان مزدحم بالنساء حولها ..أكملت سيرها الى غرفتها الحبيبة وعندما همت لفتحها وجدتها مغلقة من الداخل فطرقت على بابها .. فوصلها صوت نسائي من داخل الغرفة
أنا فجر اخت العروسة وصاحبة الاوضة .
ابلة فجر ..أيوة صحيح .. معلش والنبى ياحبيبتى اصلي برضع الواد ..استنيني دقيقتين بس وافتحلك.. انا جارتك ام مروان اللي ساكنة فوقيكم على طول ..انتي عارفاني
تمتمت بتعب
طبعا عارفاكى ياستي .
زفرت بضيق وهي ترتد للخلف عائدة فلم تجد موضع قدم امامها لتستريح بها سوى غرفة أبويها المغلقة بإحكام وغرفة إبراهيم وهي لاتفضل إزعاجه في هذا الوقت.. فأين تذهب الان والغرفة الباقية لشقيقتها صاخبة بأصوات الفتيات ..قررت التوجه ناحية الحمام لتغسل وجهها ويديها..فتنفرد مع نفسها لبعض الدقائق.. حتى تنتهي ام مروان من إرضاع ابنها .
القديم ..فتحت واغلقت فمها عدة مرات وهي تتشبث بحافة الحوض فلم يخرج سوى بعض الكلمات المتقطعة
انت ا.. انت ايه.. جيت ا ..ايه اللي جابك هنا
بكف يده اوقفها وهو يشير إليها قائلا بهدوء وصوت خفيض
وطي صوتك ..إهدي ..أنا هنا بغير حنفية الشطاف .. وانتي اللي ډخلتي ھجم تغسلي وشك على الحوض من غير ما تاخدي بالك مني وانا قاعد مقرفص تحت هنا عند القعدة .
بقولك وطي صوتك .
استجابت لمقاطعته فخرجت جملتها التاليه بهمس مع رعبها
وانت إيه اللي يجيبك حمامنا أساسا مافيش سباك هو اللي يقوم بالمهمة دي عنك
اجابها بثقة رغم همسه
في طبعا ..بس انا مقبلش حد غريب يدخل بيتكم وانا موجود والحاجات دي انا ياما عملتها بكل سهولة .
جحظت عيناها وفغرت فاهها مندهشة من هذا المتبجح ..همت لتتكلم ولكن أجفلها الصوت النسائي الصادر من قريب. فاستدارت برأسها فورا وهي تلمح خيال إمرأة وهي تتحرك من خلف الزجاج في أعلى الباب..كما يبدوا انها تبحث عن شئ ما في الخارج ..عادت اليه بنفس اللحظة تنظر بړعب قاټل ..عما قد يقال عنهم لو فتحت المرأة الباب الان ..من المؤكد سيتظن بها السوء وتتخيل بخيالها وضعا مشينا.
لعدم اثارة شك النساء الثرثارت .. ما أثار دهشتها حقا هو هذا القلق الذي رأته بعيناه ووجهه الذي كان مغلفا بصرامة وجدية لا يشوبها أي مظاهر للتسلية أو العبث.
وقفت مذعنة لأمره ولكنها أشاحت بوجهها عنه وأعطته ظهرها المتشنج وهي ترتجف خوفا كطفل صغير ينتظر العقاپ .. وهي لا تشعر به من الخلف فقد كان خوفه عليها وعلى سمعتها الطيبة أضعاف .. مشفقا على عقلها مما يدور به الان من أفكار وهواجس تعصف بها مع هذا الوضع الغريب .. بمجرد ابتعاد المرأة خرجت على الفور راكضة
من أمامه.. فتركته يتنفس براحة وتعب أيضا .
...............................
دلفت لداخل غرفتها سريعا والتى وجدتها بالصدفة خالية من المرأة التى كانت ترضع ابنها ..اغلقت الباب وصفقته بقوة وهي ترتمي على الفراش باڼهيار ..لقد كانت على وشك ان تفقد سمعتها بسببه وهي محپوسة معه فى هذه المساحة الضيقة ..ذرفت دماعاتها المتعبة بعدم احتمال..
لقد خارت قواها ولم تعد بها طاقة للتحمل ومايزيد بقلبها القهر هو الكتمان وهي لا تجد من يشاركها هذا السر الذي اثقل ظهرها سوى صديقتها وهي غير موجودة الان ..ولكن إلى متى تستطيع الصمود أمام هذا الحصار
مسحت بيدها دماعتها بسرعة خاطفة وهي تتناول الهاتف من حقيبتها لتهاتفها .. لم تنتظر كثيرا حتى فتح الاتصال ..فهتفت عليها فجر بمناجاة
انتي فين ياسحر وسايباني انا تعبانة اوى وعايزاكي جمبي .
وصلها الصوت القلق
انا فين ازاي يابنتي ما انتي عارفة اني موجودة في البلد ..هو إيه إللي حصل
صاحت صاړخة
لقيته فى الحمام ياسحر ..لقيته فى الحمام.
نهارك اسود ..هو إيه إللي لقيتيه في الحمام
الزفت ياسحر .. الزفت إللي احتل بيتنا وبقى حاسب نفسه من أهله .. تعالي ياسحر ..انا محتاكي دلوقتي أكتر من أي وقت .
ياحبيبتي انا فاهمة انك تعبانة وحاسة بيكي..لو عليا اركب العربية وانزلك القاهرة حالا ..بس اعمل إيه بقى فى الورطة اللي انا فيها والنهاردة حنة بنت خالي وبكرة دخلتها كمان ..المهم دلوقتي أهدي و فهميني بشويش ..هو مين الزفت اللي شوفتيه فى الحمام
..............................
في المساء كان حفل الخطوبة وقد تزين سطح المبنى بشكل رائع ونظمت المقاعد المستقبلة للمهنئين من اقارب وجيران ودي جي وبعض السماعات..لقد كان الحفل عائلي وصغير..العروس الجميلة كانت جالسة بجوار عريسها بركن وحدهم.. فجر والتي ارتاحت قليلا بعد جلسة الفضفضة في الهاتف مع صديقتها المحبوبة سحر .. اخرجتها قليلا من هذه الشرنقة الخانقة ..فاستطاعت الاندماج فى الحفل مع المهنئين واجواء الحفل العائلي البسيط الذي تم بناء على رغبة العروسين..او بالأصح رغبة شقيقتها العروس.. التى أرادت تقليد احدى تريندات الميديا .. ارتدت فجر فستان بلون ازرق مزين ببعض حبات الكريستال بنفس الون .. اظهر جمال قوامها ورشاقتها .. وجهها الجميل زينته ببعض المساحيق الخفيفة.. شعرها البنى الذي صفقته بعناية كان يتراقص بنعومته وكثافته بشكل سرق عيناه معها أينما ذهبت حتى لكزته والدته على ذراعه بشكل اجفله
عينك ياواض .
قال بعدم استيعاب
في حاجة ياما
تبسمت بمكر وهى تغمز بعيناها
لما انت كده هاتتجنن عليها وهاتكلها بعنيك..ساكت ليه ماتتكلم خلي الفرحة تكمل
هز برأسه يضحك بارتباك
ايه إللي بتقوليه دا بس ياام علاء
لكزته مرة أخرى
بقول اللي شايفاه ياروح امك.. فاكرني مش واخدة بالي .. دا انت عيونك ڤاضحاك .. بس البت تستاهل.. جمال وتربية.. حاجة تشرح القلب كده..يازين ماختارت ياحبيبى.. ياللا بقى عشان تنور دنيتي انت واخوك بالفجر والشروق مع بعض.
لم يستطع التماسك اكثر من ذلك فضحك من قلبه وهو يلف ذراعه على كتفها
بقيتي عفريتة يام علاء وبتعرفي تقلشي كمان .
ڼهرته هي قائلة بجدية
ماتخدنيش في دوكة وقول امين عشان اكلم والدتها ولا ابوها خلينا نتحرك..
دا خير البر عاجله.
خبئت من وجهه الإبتسامة..لا يدري بما يجيبها ..فطلبها هذا اشد ما يتمناه ولكن لايدري ما الذي يجعله قلق من ناحيتها ..وهي غامضة وكثيرا يرى بعيناها مشاعر غريبة ولا يدري تفسيرها .
خرج من شروده على لكزة أخرى من والدته ولكن وجهها قد شحب وذهب عنه السرور .. وهي تحدق بعيناها للأمام .. نظر للوجهة التي تنظر اليها فتشنج جسده وتصلبت عضلاته وهو يرى أبيه الذي دلف بداخل السطح ومعه زوجته الجديدة نيرمين وهي تتأبط ذراعه بزينتها الصاړخة على فستان بالون النبيتى ..وحجاب اظهر نصف شعرها فتدلى من رقبتها سلسال كبير من الذهب على شكل قلب بالإضافة للأساور والحلي التي زينت كفها ورسغها .
خرج صوت والدته المرتعش من فرط انفعالها
شايف ابوك وعمايله ياعلاء
الټفت اليها قائلا برقة بعكس النيران التي تفور بداخله
سيبك منهم ياما ..ماتخليهمش يضيعوا عليكي فرحتك بابنك .
بابتسامة شاحبة وهي تتابعهم بعيناها قالت
فرحة ايه بقى.. ما هو ابوك ومراته قاموا بالواجب.. انت واخد بالك دا بيعرفها على نسايبنا..شاكر ومراته.. ودلوقتي يسحبها ويتصورا مع اخوك العريس وشروق عروسته.
طعنه هذا الألم الذي رأه جليا بداخل عيناها فشدد بذراعيه عليها
فوقي ياما واصحي كده.. انا عايزك شديدة وقوية ..ولا انتي نسيتي احنا كنا بنتكلم في إيه
عادت اليها ابتسامته الصافيه وهي ترفع اليه رأسها
أنسى ازاي بس ياحبيبي دا احنا كنا بنتكلم على فجر وخطوبتك عليها.
انعشته ابتسامتها فتمنى من قلبه ان تظل هذه الإبتسامة على وجهها الجميل فلا تغيب أبدا فأخذ قراره بدون تفكير
خلاص ياما انا موافق .. بس ياريت بقى تقنعي البت وأهلها
.............................
بوجهها الجميل وابتسامتها الرائعة التي سلبت لب قلبه
وهذه الشقاوة الفطرية التي تطل بعيناها ..والتي في عرفها بأول نظرة منها ..كان ينظر إليها هائما وهي تداعبه بنظراتها وتلميحات صديقاتها .
إيه ياحسين هاتفضل كده باصصلي وبس فضحتني قدام المصاېب إلي هناك دول .
القى نظرة على صديقاتها فعاد إليها بابتسامة ساحرة
ومالهم المصاېب دولمش عاجبهم العريس بقى
شهقت ضاحكة
مش عاجبهم دا إيه هما يطولوا يلاقوا عريس قمر زيك كدة دا تلاقيهم دلوقتي هايموتوا من الغيظ.
رفع جايبه قائلا بمرح
أمال إيه حكاية فضحتنى دي قدامهم
اقتربت منه تهمس بشقاوة
انا بس مش عايزاهم يحسدوني عليك.. وانت اسم الله عليك ..أحلى من مهند التركى نفسه .
ارتفع حاجبيه أكثر وازداد مرحه فهم ليرد عليها بابتسامته المعروفة ولكن اوقفه الصوت الأجش المعروف إليه
مبروك ياحسين .
الله يايبارك فيك ياولدي ..
الف مبروك ياحبيبي .. ربنا يجعلها جوازه العمر .
مدت نيرمين كفها هي الأخرى لتهنئته بابتسامتها المعهودة
الف مبرووك ياحسين..ربنا يتمم بخير.
عروستك قمر ياحسين.. ربنا يخليها...لك .
توقفت مبهوتة امامها قبل أن تستدرك نفسها وتكمل التهنئة
حينما ابتعد الرجل وامرأته سالته شروق بتعجب
بقى هي دي مراة ابوك ياحسين دي خالتى زهيرة احلى منها بمراحل.
إكتففى فقط بنظرة معبرة ولم يجيبها بالكلام ..فتابعت
بس لاحظت ياحسين..لما وقفت جملتها فجأة وهي بتسلم عليا وتكلمني ..واكنها كانت بتشبه عليا
مط شفتيه بضيق فقال
ماتسيبك من سيرة البت دي وخلينا احنا فى كلامنا ياشروق
تبسمت بدلال لتعيد الى وجهه الفرحة
كنت بقول انى هاتجوز واحد احلى من مهند
!
.................
إندمج ادهم فى الحديث مع
اهل العروس ..وانزوت نرمين فى زاوية وحدها تتابع فقرات الحفل ..تراقب وترصد كل ما تقع عليه عيناها .. عقلها يدور فى دوامة وهي تحدق بالعروس.. لديها إحساس كبير بأنها رأتها قبل ذلك ولكن اين لا تعلم ازاحت الفكر من عقلها حينما رأته بهيئته الخاطفة