الأربعاء 27 نوفمبر 2024

الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت

انت في الصفحة 47 من 144 صفحات

موقع أيام نيوز


نبرة صوته بثبات 
_ولا حاجة ده أنا بقولها هطلع أريح شوية لحسن أنا تعبان اوي من السفر.. 
وغمز بعنينه لراوية التي ابتسمت وهي تشير له بيديها على الهاتف فهمس بصوت شبه مسموع 
_هكلمك يا كبيرة.. 
تعالت ضحكاتها وهي تتأمله يستكمل طريقه لغرفته بالطابق العلوي فجلست هي الأخرى على المقعد المقابل لأحمد لتسأله باهتمام 

_طمني على روجينا وماسةوحور والشباب عاملين أيه 
رد عليها وهو يرتشف الشاي الساخن 
_كلهم بخير يا مرات عمي وان شاء الله هينزلوا الصعيد في اجازتهم.. 
قالت بارتياح 
_الحمد لله.. 
ثم اردفت 
_اطلع يا ابني شوف والدتك كانت قلقانه عليك من الصبح خد الشاي وأطلع طمنها عليك .. 
ابتسم لرقة قلبها فابعد المقعد للخلف قليلا ثم كاد بالصعود ليجد نادين من أمامه تشير بيدها بمشاكسة 
_يا مراحب بالحبايب.. 
ومن ثم اندفعت بحديثها 
_قولي يابن ريم الواد بدر ابني مدورها في مصر ولا لسه بلوكه زي ما هو 
كبت ضحكاته ليجيبها بصعوبة 
_مهو انا مش فاهم حضرتك عايزاه يدورها فانفي الوضع ده ولا هتتفاجئ وتنصدمي لو عرفتي فأشعلل الدنيا بينكم.. 
حكت رأسها بتفكير ثم قالت بلهجة صعيدية 
_والله يا ولدي ماني خابرة.. 
تعالت ضحكات أحمد فقالتهنية بضيق 
_وبعدهالك يا نادين هملي الواد يطلع يشوف امه.. 
ثم قالت 
_اطلع يا ولدي وسيبك من المخبولة دي.. 
كبت ضحكاته وهي يستكمل طريقه للأعلى اما نادين فجلست جوار راوية وهي تردد پغضب 
_كده يا خالة أنا مخبولة! 
اكدت لها حينما قالت 
_مخبولة من يوم يومك ايه قولك 
ضحكت راوية وهي تتأملها تستشاط غيظا كالطفل الصغير متناسية مرور الأيام عليهما ليشيب الشعر ويطغو الشيب على اجسادهم.. 
لافتة ضخمة تلمع على أبواب المصانع العملاقة تضم إسم مصانع عائلة الدهاشنة بخط موثوق العمالة تدب بالداخل كخلية النحل النشطة التي تحوم باجتهاد آلاف من المعدات الحديثة يشملها عدد من العمال وأخرون يغسلون الفاكهة جيدا قبل أن يحضرونها للمرحلة التالية وهناك من يرص الأكياس بعناية بداخل الكرتون ومن وسط هؤلاء كان يمر بينهما يتفحص الفاكهة باهتمام يحرص حرصا شديد على العمل الجاد فيما بينهما ليسرع بتلبية الطلبيات بموعدها حرصا على سمعتهم المرهونة فمشط بيديه خصلات شعره الطويل التي تزعج عينيه لينتبه لمن يناديه لاهثا 
_بشمهندس بدر.. 
استدار بدر إليه وهو يتساءل بثبات طاغي 
_في أيه. 
أجابه بتوتر مما يحمله من أخبار غير سارة 
_الحج مدحت عامل مشاكل في الحسابات يا بشمهندس عايز يخصم أكتر من ٨٠٠٠ج.. 
ضيق عينيه باستغراب 
_ليه هو أول مرة يشتري مننا ولا أيه 
ثم أشار له بحزم 
_روح أنت شوف شغلك وأنا هشوف الموضوع ده.. 
أومأ برأسه ثم غادر ليتجه بدر سريعا لمكتب المحاسبة فما أن رأه المحاسب حتى نهض سريعا عن مقعده ليجلس محله ثم ضم يديه على سطح المكتب متسائلا بصرامة 
_خير يا حاج.. 
رفع حاجبيه باستغراب 
_حضرتك محاسب هنا! اقصد يعني بتشتغل أيه انا عايز حد من أصحاب المصنع عشان أتكلم معاه.. 
قال بثبات 
_معاك.. إتفضل.. 
ردد بدهشة 
_أنت ابن فهد بيه 
أجابه بضيق من أسئلته المبالغ بها 
_حضرتك بتضيع وقتك ووقتي طلبت تشوف حد من الملاك وجيتلك بنفسي هتقضيها جلسة تعارف بقا! 
لعق شفتيه بارتباك من صرامته المخيفة ثم قال 
_أنا بصراحة كنت مستغلي الاسعار اللي حطينها وعايز تخفيض ده انا حتى زبونكم.. 
رد عليه بواجها واجم 
_زبونا يبقى عارف السعر لأنه ثابت ومرفعش أيه اللي مخليه مش عاجبك المرادي!. 
قال بلهجة حماسية ظنها اسلوبا خبيثا ليجعله يخفض من الثمن المطروح 
_ما في أكتر من مصنع فاتح جنبكم وبيبعوا بنص التمن تقريبا.. 
أغلق بدر الحاسوب من أمامه ثم نهض ليعدل جرفات بذلته السوداء الانيقة ليجيبه بجفاء 
_يبقى مبروك عليك وحلال عليك الجودة والطعم.. 
وتركه وغادر والاخير محله لا يعي ما الذي اقترفه بغبائه الشديد الذي ظنه نقطة ذكاء سيجبره على إزهاق الثمن رغم تأكده من جودة مصانع الدهاشنة المعروفة فاسرع تجاه أحداهم ليخبره بهلع
_عايز أقابل بشمهندس يحيى ضروري.. 
أرشده لمكتبه بالطابق العلوي فصعد سريعا إليه.. 
بمكتب يحيى 
كان هائما بالصورة الفوتوغرافية الموجودة على سطح مكتبه الابتسامة التي تزين وجهه وهو يحتضنها بفرحة تضيء عالم مظلم بأكمله يديه التي تحتضن بطنها المنتفخة بجنينه البالغ من العمر ثمانية أشهر تنبض بقوة حينما يتذكر تحركه أسفل أصابعه وجه ماسة المشرق يفتت قلبه المذبوح كم كان يشكلا ثنائي رائع أول من أطرق العشق بابهما بعائلة الدهاشنة فعلى الرغم من حب آسر الشديد لماسة وتعلقه بها الا أنها أحبته هو ولم تخشى أبدا الاعتراف بذلك أمام كبير الدهاشنة بذاته حينما هبطت للمندارة بعدما كان يجتمع الرجال لقراءة الفاتحة على ما اتفقوا به فوقفت أمام فهد قائلة 
_عمي أنا مش موافقة على الجواز من ابنك.. 
صعق الجميع وعلى رأسهم أبيها عمر حتىيحيى تطلع لها پصدمة

فبالرغم انه كان يعشقها حد المۏت الا أنه لم يجرأ على الاعتراف بذلك أسرع أحمد تجاه شقيقته فأمسك بذراعيها پعنف 
_أنت بتقولي أيه 
قالت بدموع غمرتها 
_بقول أني مش موافقة انا مبشوفش آسر غير أخويا الكبير.. 
ضرمت الآلآم آسر لتفتته جريحا واسرع عمر تجاهها لېصرخ بها بقسۏة 
_من أمته الكلام ده ما طول عمرك وأنتي عارفة أنك ليه.. 
أخفضت رأسها أرضا پخوف فبترت الأنفاس وتلاشت الهمسات حينما رفع فهد صوته 
_سبها تتحدت وتقول اللي عايزاه يا عمر.. 
وأشار لها بالاقتراب قائلا 
_تعالي ياماسة.. 
اقتربت لتقف على مسافة منه وعينيها موضوعة أرضا بحرج شديد جسدها يهتز پعنف من فرط شهقاتها المكبوتة تعالى صوت الكبير متسائلا 
_أنتي مش عايزة تتجوزي خالص ولا المشكلة في ولدي بس.. 
رفعت طرف عينيها تجاهيحيى ثم أشارت بالنفي فعاد ليسألها من جديد 
_بتحبي حد! 
لعقت شفتيها بارتباك فتحدت ذاتها بالرغم من وجود الكثير من رجال العائلة بالمندرة تعلم بما سيقال عليها ربما بالجريئة وربما بعديمة الحياء وربما بالاپشع من ذلك ولكنها ستفعل المحال لأجل حبها فإن صمتت وقبلت بالأمر ستجلد ذاتها الباقي من حياتها هزت رأسها كأجابة صريحة على سؤاله المطروح فعاد ليتساءل من جديد 
_مين. 
رفعت يدها لتشير على من إختاره القلب بارادته من عشقته قلب وقالبا ذاك الذي يغلفها بنظرة مخطفة من مسافة يضمنها سلامة لها ذاك الذي يراقبها بالخفاء وإن أوشك الأڈى على مسها يواجهه أولا انتقلت الوجوه جميعا إليه فأشار له فهد بعينيه ليقف أمامه نهض يحيى عن محله ليقف أمام الكبير جوارها سكنت قليلا وكأن بسكنته أمان من الأعين المتربصة بها طالت نظرات فهد المتنقلة بينهما قرأ العشق صريح بعينيه من قبل أن يستمع إليه الصمت الذي ساد المندرة كسره صوت فهد حينما نطق بصرامته الجادة 
_فرحهم السبوع الجاي.. 
ردد عمر بدهشة من قراره الذي يعد بمثابة سلسال چحيم يحكم إغلاقه على آسر فقال 
_أيه اللي بتقوله ده يافهد 
بحزم شديد أجاب 
_كلامي واضح للكل السبوع الجاي فرحيحيى وماسة.. 
رنت تلك الذكرى كالمنبه بذكراه لتترك بسمة على شفتيه وهو يتذكر كم جابهت أعتى الظروف لأجله هو أمسك بالصورة ثم مرر اصبعه على بطنها المنتفخة فكأنما لامس تلك الذكرى البغيضة التي فتكت بعش زواجه فأبعد يديه سريعا عنها وكأنه غير مستعد لتذكر تلك الذكريات المشؤمة الآن أفاق يحيى على صوت طرقات باب مكتبه فأذن للطارق بالدخول ولجت بابتسامتها التي تجاهد لجعلها أكثر اشراقا عل محبوب طفولتها يشعر بحبها الشديد إليه تهواه منذ الصغر فكانت تراه دائما كونه الصديق المقرب لشقيقها منذ أيام الجامعة هاجت وماجت حينما علمت بأمر زواجه وهدأت بعدما علمت بما حدث لزوجته بعد زواجه وخاصة حينما قيل بأنها أصبحت مختلة عقليا فظنت بأنها فرصة مناسبة للتقرب منه فأدعت حاجتها للعمل عل قربها منه يجعله يشعر بها أجلت يمنى صوتها 
_ بشمهندس يحيى في واحد برة من تجار الجملة عايز يقابل حضرتك. 
ضيق عينيه باستغراب ثم قال
_دخليه.
ولج العجوز للداخل فأشار لهيحيى باحترام 
_اتفضل.. 
جلس على المقعد المقابل له ثم بدأ حديثه بابتسامة واسعة 
_ما شاء الله على الوش السمح ده.. 
أفتر وجهه عن بسمة صغيرة ليشير له قائلا 
_تحت أمرك يا حاج أومرني.. 
قال بحزن مصطنع 
_أنا طلبت أشوفك مخصوص عشان أشتكيلك من المحاسب المتنك اللي تحت ده بقوله يهونها شوية بالسعر قالي يفتح الله.
أجابه بمكر بعدما تابع بالكاميرات من أمامه بمن يقصده 
_بدر تقصد.. 
قال بمحايدة 
_أعتقد هو.. 
أومأ برأسه قبل أن يضيف
_بدر ابن عمي مبيقولش حاجة غلط أو بيتصرف اي تصرف مش مناسب السعر موحد عندنا وأنت مش اول مرة تتعامل معانا يا حاج عارف مصانعنا كويس وشغلنا ولا أيه!. 
صمت قليلا ثم قال 
_على خيرة الله.. 
وأخرج من جيبه شيك من المال ليوقعه أمامه ثم ناوله إياه قائلا بوجوم 
_أقدر أستلم امته.. 
استلم منه الشيك ببسمة مصطنعة 
_هأمرهم حالا يجهزوا لحضرتك طلبياتك.. 
شيعه بنظرة أخيرة ثم ترك باب المكتب مفتوح على وسعيه ليغادر بغيظ كاد بأن ېقتله أما من بالخارج فتأملته بنظرة شاردة بعدما منحها هذا الغريب فرصة لرؤيته يعمل أمام أنظارها المتلصصة علها من ستدفع ماسة لأول طريقها بالشفاء! 
بغرفة ريم.. 
أحاطتها السعادة بهالة ساحرة حينما رأت ابنها يقف من أمامها احتضنتهريم بسعادة ثم تساءلت بلهفة 
_قولي يا حبيبي أنت أخبار أيه بتأكل زين! 
تعالت ضحكات أحمد ليردد بسخرية 
_ لو جوزك مكنش قالي بنفسه أني منفوخ كنت صدقتك.. 
واستطرد بمرح 
_متقلقيش عليا يا ست الكل أنا بدبر نفسي وعايشين على الدليفري ومية فل وعشرة.. 
تطلعت له مطولا قبل أت تسأله بتردد 
_قولي يا ولدي هي روجينا خطيبتك مش بتعملك وكل أنت وأخوها! 
عند ذكرها لا يعلم لما يعتريه الضيق يشعر وكأن ليس بينهما أي توافق يراها عنيدة دائما ما تثيره للتعصب وبالرغم من ذلك يرضى بواقعه فمن وجهة نظره هي المناسبة إليه خرج عن قوقع الصمت القاټل ليجلي أحباله الصوتية 
_لا هي مشغولة بجامعتها.. 
ارتسمت بسمة لا ارادية على شفتيه وهو يستسل 
_بس حور لما بيكون مش عليها مذكرة بتعملنا أحلى طواجن وأكل من اللي قلبك يحبه.. 
ابتسمت هي الاخرى لتضيف على كلماته 
_حور دي بنت جدعة وزينة اللي يشوفها ما يصدقش إنها بنت نادين المخبولة.. 
ضحك بصوته كله ليجاهد بقول 
_لسه ستي مدياها المرشح إياه تحت.. 
قالت بصدق يتبع ابتسامتها الرقيقة 
_الحق يتقال يا ولدي هي اللي عاملة للدار حس من غيرها تحسها خړابة.. 
تمدد على الفراش ثم وضع رأسه على قدميها لتمرر يديه بين خصلات شعره الفحمي بتدليك خفيف تزيح به آلام رأسه فهمس باسترخاء 
_محدش جوهرة البيت ده اللي أنتي يا ست الكل.. 
تعالت ضحكاتها باستمتاع لسماع المحبب إليها منه فأخذت تدلك فروة رأسه حتى غفى على قدميها كالطفل الصغير!.. 
أحكمت حور الخمار حول جسدها مانعة الهواء من أن يطيح به يسارا ويمينا استدارت تبحث عنها هنا وهناك فجذبت هاتفها ثم رفعته لتبرطم بضيق 
_راحت فين دي 
_أنا هنا.. 
استدارت حور لتجدها تلوح لها بابتسامة عذباء 
_عارفة اني أتاخرت بس عما وصلت من البلد. 
احتضنتها وهي تردف بانزعاج 
_مش عارفة أنتي مبهدلة نفسك ما بين هناك وهنا ليه يا تسنيم! 
حدجتها بنظرة منزعجة من عينيها الخضراء الساحرة لتخبرها بحزن 
_مش قولتلك ياحور أن بابا رجله مکسورة وأنا بحاول أساعده على قد ما أقدر.. 
أجابتها بدهشة 
_تساعديه ازاي بت أنتي بتروحي معاه
 

46  47  48 

انت في الصفحة 47 من 144 صفحات