الأربعاء 27 نوفمبر 2024

الدهاشنة بقلم آية محمد رفعت

انت في الصفحة 48 من 144 صفحات

موقع أيام نيوز


الأرض! 
قالت بثبات وفخر 
_وماله مش ابويا اللي طول عمره شايلنا على كفوف الراحة بيشقى وبيتعب عشان مين! 
حاوطتها بحنان ثم قالت بتوضيح 
_أنا مقصدش يا سولي وبعدين لو مكنتيش أنتي اللي تشيلي باباكي مين اللي هيشله أنا بس كنت فاكرة انك بتسافري عشان تطمني عليه وإنه جايب حد يشتغل بالارض بالأجرة.. 

أعدلت طرف حجابها المتساقط من خلفها ثم قالت بحرج واضح 
_كان نفسه يعمل كده بس الحالة على القد أنتي عارفة بقا مصاريف الجامعة وجهاز أختي زنق الدنيا شوية.. 
تعلم جيدا عزة نفس صديقتها المقربة فرغم أنها قادرة على مساعدتها الا أنها لم تجرأ على فعى ذلك فربتت بيدها على كتفيها بتفهم 
_بكره ربنا هيفرجها وهتبقى عال..
هزت رأسها بيقين ثم اردفت 
_أنا بفكر أدور على شغل هنا بالقاهرة أهو أقدر أكفي بيه مصاريف الجامعة عما ربنا يأخد بيد بابا ويقف على رجليه.. 
صمتت قليلا تحسب الفكرة المطروحة من أمامها ثم قالت بلهفة 
_طب أيه رأيك

تشتغلي في المصنع بتاعنا هما كل يوم بيحتاجوا عمال وانتي أصلا تعليم عالي أكيد هيكون محتاجين ليكي.. 
بحماس قالت 
_ياريت يا حور تبقي فعلا خدمتيني.. 
ردت عليها بابتسامة مشرقة 
_اعتبريه حصل بدر أخويا كان مكلمني من ساعة وقالي انه هيعدي عليا زمانه على وصول هفاتحه أول ما يوصل.. 
ابتسمت بفرحة 
_ربنا يخليكي ليا وميحرمنيش منك ابدا.. 
عاتبتها بضيق لتردد بلهجة صعيدية مرحة 
_مش قولنا مفيش الكلام ده بينتنا أنتي مفيش منيكي رجا.. 
تعالت ضحكاتتسنيم لتشير لها پصدمة بعدما تفحصت ساعة يدها 
_يخربيتك عندي محاضرة دلوقتي ولا أنتي عشان خلاص بتحضري الماجستير نسيتي الغلابة اللي زينا.. 
وتركتها وهرولت تجاه جامعتها فتعالت ضحكات حور لترفع صوتها 
_طب حسبي لتنكفي على وشك لا تلحقي المحاضرة ولا يحزنون.. 
استدارت لتشير لها بوعيد ثم أكملت ركض أما حور فأخرجت هاتفها الذي يرن بازعاج لترى عدة رسائل من اخيها فخرجت للبوابة الرئيسية لتراه يقف بانتظارها أمام سيارته يستند بذراعيه على مقدمتها ويطالعها ببرود من أسفل نظارنه الشمسية اقتربت لتقف امامه ثم تساءلت باستغراب 
_أيه سر الزيارة الجامعية الغريبة دي! 
قال بغرور ومازال على نفس وضعيته 
_النهاردة أيه في أيام ربنا 
قوست حاجبيها بدهشة 
_٢٦ ليه! 
استكمل على نفس المنوال 
_مبيفكركيش بحاجة التاريخ ده.. 
صفنت قليلا ثم صاحت بفرحة 
_عيد ميلادي.. 
ابتسم بدر ثم قال 
_كل سنة وأنتي طيبة يا روح قلبي.. 
تطلعت لجوارها پخوف 
_اوعى تحضن ولا تعمل أي حاجة أنا مش هعلق يافتة أقولهم المز الحليوة دي يبقى أخويا...
رمقها پغضب فلوحت بيدها بانفعال 
_ما حلتناش اللي السمعة ياخويا معطلكش.. 
قال بانفعال 
_أيه الأسلوب القذر ده يابت! 
رفعت صوتها بسخرية 
_انجز يا عم الحكاية فيها هدية ولا حوارات لو كده نقفلها وقتي أنا واقفتي معاك جاية بخسارة الرايح والجاي زمانه بيتكلم عني.. 
قالت كلماتها الأخيرة ورأسها ينحني يسارا ويمينا تتفحص حركة المارة فشل باخفاء ابتسامة تسليته على شقيقته التي تخشي من الأقاويل التي قد تمسها حتى من شقيقها فأشمر عن ساعديه وهو يشير لها بتحفز 
_تعالي ورايا.. 
لوت فمها بسخط 
_على فين لامواخذة! 
وضع يديه خلف ظهره ليجيبها بنظرة غاضبة 
_الهدية بشنطة العربية إن كان عاجبك!.. 
رددت بصوت منخفض 
_هتزلونا بقا.. 
ثم رفعته بابتسامة مصطنعة 
_بينا.. 
تعالت أمارات المشاكسة على وجهه فوضع المفتاح بشنطة السيارة الخلفي ثم قال ويديه تصفن بخصلات شعره 
_تفتكري الهدية ايه حاجة كان نفسك فيها أيه هي 
ابتسمت وهي تفرك بأصبعها وجنتها فاقترحت 
_طقم التوابل المتحرك اللي كلمتك عنه متقولش انك فجئتني وجبتلي واحد لجهازي.. 
قست نظراته تجاهها فعادت لتخمن من جديد 
_متقولش هجبها خمارين شيك كده أغير بيهم وأنا جاية الجامعة.. 
اغلق شنطة السيارة بعصبية ليدفعها بقوة 
_غوري يا حور جايب عيد الأم أنا طقم بهارات وخمارين!. 
ادلت شفتيها السفلية بحزن 
_أعمل أيه ما أنا دماغي لفت.. 
رفع الباب مجددا ليجذب الكرتون ثم ناولها لها باستسلام انفرجت شفتيها في صدمة فصړخت بعدم تصديق 
_ لاب توب MacBook Air بمعالج M1 لا مش قادرة أمسك نفسي لازم احضنك.. 
تعلقت به حور بفرحة كبيرة فرفع يديه ليحتضنها بابتسامة زادته وسامة لا يعهدها سوى الرجل الشرقي تذكرت أسمى مواصفاتها فابتعدت عنه وهي تتطلع من خلفها 
_حد شافنا!! 
رأت هناك من يقف على قربا منهما يلتهون بالحديث فخشيت بأنهم تمكنوا من رؤياهم فصاحت 
_ده أخويا على فكرة.. 
هز رأسه دون جدوى من تغيرها فدث يديه بجيب بنطاله ليخرج ثلاث مبالغ من المال وضعها واحدا تلو الأخر بيدها وهو يردد 
_طبعا كشباب مفيش أي خبرة بهدايا البنات فقررنا الأتي تجيبي لنفسك اللي تحتاجيه أفضل فدول ٥٠٠٠ج من آسرو٥٠٠٠ منيحيى و٧٠٠٠ج من أحمد معرفش متوصي بيكي بالألفين الزيادة دول ليه يمكن عشان الصواني المحمرة اللي بتعمليها كل فين وفين.. 
جذبت المال ثم قالت بسعادة 
_ربنا ما يحرمني منكم ياررب ويفرحكم ببنات الحلال اللي تستاهلكم ويفرحكم وآآ... 
ابتعد عنها باشمئزاز 
_ دقيقة كمان وهتشحتي على باب السيدة خلصي اللي وراكي ومتتأخريش بالرجوع.. 
وفتح الباب ليستقل سيارته فهرولت من خلفه راكضة حينما تذكرت أمر رفيقتها فأخبرها بأنه سيخبر آسر ومن ثم سيبحث هو لها عما يناسبها فرحت كثيرا وكعادتها تكثر من الدعاء لمن يسعدها بأبسط الاشياء لذا أسرع بدر هربا بسيارته قبل أن ينفجر رأسه من الصداع.. 
بجامعة روجينا.. 
أعدت الحجاب للخلف حتى تدلت خصلات شعرها عن عمدا فزفرت صديقتها المتحررة باستقزاز 
_حجاب ايه المقرف بلبسه ده قولتلك إقلعيه واخلصي.. 
رفعت روجينا المرآة عاليا لتتأكد من تساقط خصلات متفرقة على وجهها ثم أعادت طلاء شفتيها بحمرة صاړخة لتجيبها بنفور 
_عوايدنا كده في الصعيد ولو عملت اللي بتقوليه ده مستحيل بابا يسمحلي أدرس وأعيش بالقاهرة من الأساس.. 
بتهكم شديد قالت 
_تخلف وراجعية.. 
تقبلت الأهانة التي مست والدها بصدر رحب! 
_هنقول أيه يا بنتي بس اديني مستحملة لحد ما أشوف أخرتها أيه وكله كوم وسي أحمد ده كوم تاني عايش دور الصعيدي الشرقي بجد أنا فعلا مبقتش قادرة اكمل بالعلاقة دي.. 
قالت صديقتها بمياعة 
_وأيه اللي غصبك يا بيبي أرميله دبلته وقوليله باي.. 
ابتسمت بسخرية 
_ياريت الموضوع بالبساطة دي.. 
تهجمت ملامح وجه روجينا حينما رأت من يقترب منها 
_أهو الوش السمج اللي بصحيح شرف.. 
ما أن انتهت بحديثها حتى جلس على المقعد المقابل لهما قائلا وعينيه تطوف بروجينا 
_هاي يا بنات أخباركم. 
أشارت لهتقى صديقتها 
_هاي يا كيمو أخبارك.. 
تنهد كريم ببطء تعمد أن يلاحقه كلمات متهملة وعينيه تتابع روجينا 
_مش كويس طول ما الغزال مش راضي يحن علينا.. 
زفرت بضيق شديد ثم حملت كتبها قائلة باستهزاء 
_انا ماشية يا تقى لحسن الجو بقى يقرف.. 
وغادرت روجينا سريعا من أمامه فصاح پغضب 
_وبعدين بقا مش ناوية تشوفلنا سكة معاها يعني.. 
أجابته بغيرة واضحة 
_قولتلك روجينا مش من نوعية البنات اللي أنت بتفكر فيها ده أبوها من كبار رجال الصعيد فأكيد طباعها شرقية يعني لوكل جدا أختارلك حد غيرها وأنا اوعدك هظبطلك الدنيا.. 
بعند كبير أضاف 
_مش عايز غيرها حتى لو هتقدملها رسمي.. 
جزت على أسنانها بضيق شديد فتهربت بكلماتها التي أخفت ما تضمره لها 
_طيب خلاص في رحلة لاسكندرية كام يوم هحاول اقنعها تطلع واهي فرصة تتقربوا من بعض أكتر.. 
وضع مبلغ طائل من المال أمامها ليغمز لها بإعجاب 
_أحبك وأنت فاهمني.. 
بمنزل الكبير.. 
وبالأخص بغرفة راوية.. 
ولج للداخل فخلع عنه العمة ثم الجلباب ليجذب بنطال من القطن المريح وتيشرت واسع يليق بعمره ثم خرج للشرفة ليجدها تجلس على المقعد وتتأمل الأشجار من حولها بشرود تنحنح بحشرجة خشنة علها تنتبه لوجوده فوجدها تتجاهله عن عمدا أفترت شفتيه عن ابتسامة صغيرة ليجذب أحد المقاعد ثم وضعه ليجلس جوارها طال السكون ومازال يتطلع لما تتأمله حتى تحرك فكيه ناطقا 
_مفيش حد بيقسى على ولده يا راوية انا بعمل كده عشان مصلحته.. 
استدارت بجسدها تجاهه لتخرج ما بجعبتها 
_كل حاجة ليها وقت يا فهد أنت عايزه يمسك مكانك ويتعلم كل حاجة في يوم وليلة الولد من حقه أنه يختار هو عايز يتحمل العبئ ده ولا لا من حقه يعيش حياته ويخرج ويعمل اللي عايزه أنت مسيطر عليه بدرجة مخلياه مش عايش يوم لنفسه! 
كاد بأن يجيبها فقاطعته بحدة 
_هتقول نفس كلامك أن ابنك راجل محدش قال حاجة بس الرحمة حلوة وبعيد عن كل ده أسلوبك معايا قدامهم لازم يتغير أنت بتحطني في مواقف محرجة جدا مببقاش قادرة أنطق ولا اعترض! 
انتظر حتى انتهت من حديثها ثم قال 
_راوية أنتي لازمن تقدري أني مبقتش زي الاول عارف

أنك بتتكلمي صوح بس في حاجات لازم أكون فيها كده والا هيتقال عني معرفش أمشي داري.. 
هدأت معالمها قليلا وقد تستى لها فهم ما يود قوله ثم رفع ذقنها بذراعيه حتى يجبرها على التطلع إليه 
_لازم تقدري اللي أنا فيه يا راوية المكانة اللي أنا فيها مش باختياري مفروضة عليا زي ما اتفرضت على اللي قبلي وأكيد هيجي اليوم وهتكون مفروضة برضه علىآسر فاللي بعمله دلوقت عشان يقدر يشيل المسؤولية ويكون أدها.. 
احتضنت بيدها يديه التي تحتوي وجهها برقة وحنان لتطبع قبلة صغيرة على كفيه 
_ربنا يخليك لينا يا حبيبي.. 
ابتسم وهو يستمع لكلماتها التي تعيد الحياة لقلبه الملتاع فاحتضنها بعشق ويديه تربت على خصرها فقالت بتذكر 
_نسيت أقولك مش خالد كلمني النهاردة وقالي ان البنات حابين يقضوا الاجازة بمصر.. 
تساءل في اهتمام 
_بجد يعني أخيرا هينزل من أمريكا.. 
غلبها الحزن 
_لا هو خلاص استقر هناك هو وريماس تالين ورؤى اللي هينزلوا..
قال بترحاب عظيم
_ ينوروا الثرايا والصعيد كله..
احتضنته بعشق 
_طول عمرك صاحب واجب يا حبيبي.. 
جذب يدها للداخل وهو يهمس بمكر 
_انا كمان نسيت أقولك حاجة مهمة جووي.. 
تعالت ضحكاتها وهي تحاول المناص منه ولكن ولجت معه للداخل بنهاية الأمر.. 
بغرفة آسر 
كان هائما بيومه الشاق يتذكر تفاصيله الصغيرة قبل الكبيرة وأساسياته لقاء هاشم المغازي ونهايته بذاك الرجل الغامض ذو اليد الناعمة فابتسم تلقائيا حينما توارى عليه كناية هذا الرجل الناعم عله من الچنس الخناس! 
بددت ابتسامته حينما وجد هاتفه يصيح عاليا برنين بدر المعتاد أجابه وهو يفرك رأسه پألم 
_خير يا ابني مش لسه قافل معاك! 
استمع له بحرص شديد ثم قال 
_صاحبتها مين ثقة يعني 
أوضح له نسبها فأعتدل آسر بفراشه وهو يردد بدهشة 
_بتقول بنت عم فضل.. 
_ها لا معاك طيب تمام انا نازل القاهرة بكره بليل يعني على بعد بكره الصبح تقدر تجبها.. 
واغلق الهاتف ليشرد من جديد بتلك الصدف الغريبة التي جمعته بأبيها بالصباح وبابنته التي تريد العمل بالمساء علها قدر يساق إليه ليبدد ظلمة الحب الاول الذي ترك لمسات مؤلمة يخشى من الحين والأخر أن يتذكرها... 
بالقاهرة... وبالاخص بمكتبأيان المغازي
لف مقعده الأسود بحافة قدميه المستند على المكتب وهو يرتشف عصيره بتلذذ عجيب انتهت من تقف أمامه بقص ما يحدث معها لتنتهي بما قالته 
_وأنا قولتله أني هحاول اقربه منها وأني هقنعها تروح رحلة اسكندرية قولت أسكته يعني عشان يحل عني.. 
توقف المقعد عن الدوران حينما لامست قدميه الارض لينهض عن مقعده ومن ثم أغلق ازرار بذلته الرمادية الأنيقة فتحرر صوته الرزين 
_بالعكس هتنفذي اللي قولتيه.. 
قالت بتشتت 
_بس آآ.. 
بترت كلماتها حينما حدجها بعينيه الصقرية ليتبعها أمره الناهي 
_أنتي هنا عشان تنفذي اللي أقوله
 

47  48  49 

انت في الصفحة 48 من 144 صفحات